استحالة زواج الرسول (ص) من قاصر بالبرهان القرآني
تنسب المرويات و حتى الأحاديث الى الرسول( ص) الزواج من السيدة عائشة في عمر مبكر(سبع عند العقد و تسع عند الدخول). إلا أن قصة زواج النبي الخمسيني من الطفلة عائشة منافية للعقل و الذوق السليم بل و حتى لما جاء في القرآن. فإن كانت السنة مبيّنةً و مفسرةً للقرآن فإن في القول في زواج الرسول بعائشة في هذا العمر المبكر خروجاً على القرآن كما نبين في هذه العجالة
أولا:يحدد القرآن و بدقة سن الزواج في الآية السادسة من سورة النساء.فالقرآن ينبّه إلى أن بلوغ النكاح أو سن الزواج مشروط بالرشد و الذي لا بد من البرهنة عليه. فرفع الوصاية عن الأيتام كما بين الهدي القرآني يمكن أن يتم حال بلوغهم سن النكاح و هو مرهون بالرشد لا بالبلوغ . فالبرهنة على بلوغ الرشد هو ما سماه القرآن بلوغاً لعمر النكاح
وَابْتَلُوا الْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ۖ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا ۚ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ ۖ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا
و كعادة التشريع القرآني يترك المشرع عز و جل تحديد سن الرشد مفتوحا لأولي الأمر لتحديده. كما يترك كيفية البرهنة عليه خياراً متعدد الإحتمالات ليتناسب مع دين جاء لينظم شؤون الناس في كل مكان و زمان
ثانياً: إن كان سن الزواج الموصى به قرانياً هو سن الرشد كما رأينا فإن القرآن يزيد المسألة وضوحا باستبعاد البلوغ وحسب كبرهان على الرشد.فالقرآن يفصل بين سن البلوغ و سن الرشد. فالأطفال الذين وصلوا سن البلوغ يعتبرون أطفالا لا بالغين من وجهة نظر قرآنية. و الرشد كما رأينا شرط من شروط الزواج. هذا الفصل بين البلوغ و الرشد يرد في سورة الممتحنة في الآية 59
وَإِذَا بَلَغَ ٱلْأَطْفَـٰلُ مِنكُمُ ٱلْحُلُمَ فَلْيَسْتَـْٔذِنُوا۟ كَمَا ٱسْتَـْٔذَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ ءَايَـٰتِهِۦ ۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌۭ
فالأطفال الذين بلغوا الحلم حسب الآية أطفال و إن كانوا أطفالا بالغين. و الحقوق و الواجبات المطلوبة منهم و من ضمنها واجب الإستئذان و احترام خصوصية الوالدين لا تشمل أهلية الزواج و الذي يشترط فيه الرشد لا البلوغ فقط.فليس كل بالغ راشداً بالضرورة وإن كان كل راشد بالغاً
ثالثاً: في الآية الرابعة من سورة الممتحنه يورد القرآن حساب العدة للمطلقات و يذكر من ضمن النساء المشمولات النساء اللواتي لم يحضن.
وَٱلَّـٰٓـِٔى يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَـٰثَةُ أَشْهُرٍۢ وَٱلَّـٰٓـِٔى لَمْ يَحِضْنَ ۚ وَأُو۟لَـٰتُ ٱلْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مِنْ أَمْرِهِۦ يُسْرًۭا
و لابد هنا من الإنتباه لتجنب خطأ متداول في تفسير الآية و التي فُسرت على أنها إشارة الى الصغيرات اللواتي طُلقن قبل أن يحضن. بمعنى أنهن تزوجن و من ثم طُلقن قبل أن يختبرن الحيض و لو لمره. فالإشارة هنا إلى مجموعة من ضمن المجموعة التي أشار إليها القرآن بالقول ( من نسائكم). و كيف تصبح الصغيرة من زمرة النساء إن لم تحض أولاً! فالقول إشارة إلى النساء اللواتي اعتدن الحيض قبل الطلاق و لكن لم يحضن بعد الطلاق لمدة ثلاثة أشهر. و من المعروف أن أسبابا عديدة طبية أو حتى طبيعية و منها اضطرابات سن اليأس قد تسبب غياب الحيض و عدم انتظامه
فالرسول (ص) و الذي كان قرآنا يمشي على الأرض لن يخرج عما شرعه الله للأمة في القرآن و ليس من أساسيات الإيمان بالإسلام و لا حتى من فرعياته التمسك بكل ما جاء في التراث لا سيما إن كان ما جاء مسيئاً للرسول الذي ما أرسل إلا رحمة للعالمين. و الله أعلم
للمزيد يمكن مراجعة كتابي الأكاديمي المنشور في عام 2019 في أمريكا
https://www.amazon.com/Decoding-Egalitarianism-Quran-Retrieving-Lexington/dp/1793609896