التعدد حرب المرأة ضد المرأة

  

صحيح (التعدد مذكور في القرآن) و لكن بشروط! تتشدق بعض النساء قائلةً و في غمزهن و لمزهن تشير بعضهن إلى أن شروط التعدد تنطبق على جارتها و سلفتها و كنتها وزوجة أخيها و على كل من تعرف من النساء إلا جنابها المصون! و لا تستشعر إحداهن بالخطر طالما أن بيت أختها المسلمة و ليس بيتها هي هو ما يهدم باسم إباحة التعدد. التعدد كان و ما زال و كما سيظل أبداً حرب النساء الأشرس على النساء. تقبل إحداهن أن تكون زوجة ثانية بكل رحابة صدر( لا سيما إن جاءها العرض من رجل موسر) و تأتي لك بكل الأدلة و البراهين الشرعية حتى لحظة سؤالها عن مشروعية توسع زوجها فيما شرعه الله بإضافة الزوجة الثالثة أو الرابعة إلى حرم الحاج متولي. و يظل الرجل المتهم الاول و الأخيرو الغائب الحاضر في حرب التعدد. الحرب التي شنتها النساء على النساء. فما من رجل يتزوج بدون موافقة و مباركة لا بل و بدون تخطيط و تدبير بل و غوايةامرأة قبلت أن تكون الزوجة الثانية

تأبى بعض النساء إلا أن تبني سعادتها على أنقاض بيت جارتها أوزميلتها أو حتى صديقتها التي أدخلتها بيتها و استأمنتها على أسرارها. و تتذرع البعض بحجج الهرب من شبح العنوسة و ضمان الستر. و ترى أخريات في العرض فرصة ذهبية لتأمين مصدر دخل إضافي مجاني. و لكن الأسوأ هو حين تناضل بعض المثقفات من حملة الميكروفونات الدينيه لتبيان مشروعية التعدد و الذي يظل برأيهن  خيراً من الخيانة الزوجيه – و كأن الخيار محصور بين رجل معدد أو رجل خائن- و تظل الأغلبية الساحقة من الأصوات النسائية متخاذلة محتمية من التسلط الذكوري بالتسلط الذكوري. و يظل الدين الملاذ الاخير للفصل في مسألة التعدد و التي أقضت المضاجع و خربت البيوت و شردت الأطفال وورطت المجتمع الإسلامي بفوضويتها و عبثيتها في مستنقع آسن من الضغينة و الحقد و التخوين. فما هي حقيقية التعدد في القرآن و ماذا وراء هذه الأسطوانة الصدئه ( التعدد مذكور في القرآن)؟

التعدد مذكور في القرآن صحيح إلا أن أغلب القائلين بالتعدد و مع الأسف لا يقرأون ما قال القرآن فعلاً عن التعدد. فالتعدد القرآني مشروط بشروط مقيدة واضحة استهان بها من استهان و أنكرها من انكرها. و في التالي تبيان لشروط التعدد في قرآن أنزله الله عربياً مبيناً -ولله الحمد - لمن يقرأ أو يتدبر.

 في الآية الرابعة من سورة النساء نقرأ

وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا

فالخطاب موجه و كما في بداية سورة النساء إلى الناس. و التعدد و كما هو واضح جلي مشروط بشروط.

أولا: لا بد من وجود حالة خوف عام من عدم العدل في الأيتام. (إِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى) و هذا يقتضي و بالضرورة أن تكون النساء اللواتي يمكن أن يتخذن كزوجات ثانيات أو ثالثات او حتى رابعات أمهات أيتام حصراً. و الجملة شرطية  تشيرو لا لبس إلى الخوف من عدم القسط  في اليتامى _ و ليس يتيمات النساء كما يقول البعض- و بوصفه السبب القرآني الوحيد المبيح للتعدد. بالإضافة إلى ذلك لابد من تحقق شرط خوف تضييع حقوق الأيتام . فإن كانت أمهات الأيتام قادرات على الإنفاق عليهم أو إن كانت الدولة تشمل هؤلاء الأيتام بالنفقة و الرعاية انتفى السبب من إباحة التعدد و انتفت به إباحة التعدد

ثانياً: بما أن الخطاب موجه إلى الناس كما هو واضح في بداية الخطاب في الآية الأولى من سورة النساء فمسؤولية دراسة الأزمة و إعلان حالة طوارئ تستدعي إباحة التعدد ملقاة على عاتق من يمثل الناس و سلطاتهم التشريعية في أي مجتمع كان. و إن كان القرآن قد ترك مساحة من الحرية لتحديد من يؤهل كل مجتمع للإضطلاع بمثل هذا الواجب من محاكم و سلطات دينية أو تشريعية أو قضائية فإنه لا ينطبق على الأزواج منفردين. فلا يحق للزوج منفرداً و لا بحال من الأحوال أن يعلن إباحة التعدد لنفسه او لغيرة متذرعاً بكثرة الأيتام و الخوف من التفريط بحقوقهم.

ثالثاً: يأتي القرآن بشرط ثالث يبيح تحريم التعدد و إن تحقق الشرطان السابقان و هو مخافة عدم العدل مع الزوجة الاولى. فإن خاف الرجل التفريط في زواجه الاول حرم عليه الإقدام على التعدد وإن كانت مخافة تضييع حقوق الأيتام قائمة و إن كان من يفكر في الزواج بهن أمهات أيتام. و من عدم العدل بل و من التفريط في المعاشرة بالمعروف و هو الأمر القرآني الملزم في الزواج عدم اشتراط موافقة الزوجة الأولى بدون تهديد أو ضغط أو ابتزاز مادي أو عاطفي

و لكن أين ذكر إباحة التعدد بهدف إعفاف الرجال و ستر العوانس و إشباع ظمأ الرغبات التي لاتُروى  و إعادة التوازن المختل دائماً و أبداً بين عدد الرجال الآخذ بالتناقص وعدد النساء الذي لا يتوقف عن التضخم لا بل و أين ذكر  نشر الإسلام  و إعلاء كلمة الحق و إحياء السنه و تكثير الأمة .........الخ. لمَ لم يذكر القرآن أياً من تلك الأسباب؟

يمكن لأي كان رفض أو قبول القائمة السابقة بل و يمكن إضافة المزيد  من الأسباب إلى القائمة  لا و بل تدعيمها بالدراسات و الأرقام و الإحصائيات. يمكن كذك تجميل  القائمة  السابقة بمقارنة الزواج في العالم العربي بالزواج في الشعوب التي حرمت التعدد و القدح في عفة نسائهم و في إخلاص رجالهم و في ترابط عائلاتهم........الخ وزخم هذه المناورات شائع بما لا يخفى على حد و كلنا سمع بها مراراً و تكراراً.  ولكن كل تلك الجهود االلاهثه لا تستطيع أن تنفي حقيقة واحدة فقط وهي براءة القرآن منها كلها براءة الذئب من دم يوسف! فكل هذا اللغط و كل هذا القيل و القال يظل أسباباً و مبررات بشرية لم يأت القرآن بها بسلطان!!!. فإن كانت  كليشة ( التعدد مذكور في القرآن) هي ما يتذرع به مؤيدوا ومؤيدات التعدد الإسلامي لا القرآني- و البون بينهما شاسع كما بيّنا- فقد جاء فيما سبق ذكر و تبيان للتعدد و كما هو مذكور فعلا في القرآن!فأين التعدد مما ذكر القرآن ؟ و الله أعلم

 

للمزيد يمكن مراجعة كتابي الأكاديمي المنشور في عام 2019 في أمريكا

 

https://www.amazon.com/Decoding-Egalitarianism-Quran-Retrieving-Lexington/dp/1793609896

 

 

 

 

 

   

 

Previous
Previous

 من عدل ربنا (العدل) مساواة المرأة و الرجل في الدنيا و الآخرة

Next
Next

استحالة زواج الرسول (ص) من قاصر بالبرهان القرآني