!غنى الجيوب أم إستغناء القلوب

 

 

لا غنى بلا إستغناء. والأجر المدفوع سالفاً كان أو لاحقاً نقيصةٌ لا تليق بالمخلصين في الدعوة إلى الله. و قد تكرر في القرآن التأكيد على إستغناء الرسل عن الناس. كما نقرأ في الآية 86 من سورة ص.

(قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ)

 وطلب الأجر أو السعي إليه مادياً كان او معنوياً في مقابل قول كلمة الحق خيانة للحق و أهله. فحماة الحق لابد أن يكونوا  متحررين من أغلال العقود القانونية و الرواتب  الشهرية والإلتزامات المؤسساتية و البوتوكولات المهنية. فرسان الكلمة لا بد أن يكونوا منزهين حتى عن ربا بنوك  الدعم النفسي. فلا هم ممن يقض مضجعهم الإنتقاد و لا هم ممن يقر مآقيهم الإطراء.  كلمة الحق المأجورة رهنٌ بمزاج الزبون وأسيرةُ تقلب مزاجه. فكم من مفت لايفتي إلا بما يليق بمصالح وجهاء قومه. و كم من داعية لا يشذ عن المألوف من القول و إن علم فساده خشية إقلاق سبات الغافلين – و هم بالضرورة الغالبية العظمى في كل زمان و مكان- و كم من متاجر بالآيات و الأحاديث يذكر منها ما يناسب هوى نفس الغافلين من الجمهور. لابد من فرسان الكلمة و -ما أقلهم في هذا الزمان- من التعفف عن بريق المقابل أيأً كان هذا المقابل و الإحتراس من فتنة الجزاء. و الجزاء قد يكون مالا مقبوضا أو هدية مجزية أو شهرةً مطغية أو قبولا جماهيرياً  منسياً أو حتى تفاعلا مريباً على صفحات التواصل الإجتماعي! بيع كلمة الحق لمن يدفع الثمن الأعلى تجارةٌ لا يستسيغها إلا أصحاب الحاجه و سماسرة المعوزين من الدعاة، أما أهل الله ممن أخلص نيته فلا حاجة لهم لثواب و لا لجزاء. الأجر نيرٌ يلجم الداعي عن قول كلمة الحق و توقيعٌ مسبقٌ على براءة الزبون ودعاءٌ غير منقطعٍ بطول سبات الشاري و بركةغفلته

 أعاذنا الله و إياكم من الدفع و القبض. و أغناناعن الغنى بالإستغناء. و جعلنا من عباده المستخلفين الذين لا يبتغون أجراً أو ثواباً إلا من الله    

و الله أعلم

 

 

 

 

 

 

Previous
Previous

الحب لغة لا يتكلمها البعض

Next
Next

فتاوى منتهية الصلاحية