الحب لغة لا يتكلمها البعض

 

في الآية 22 من سورة فاطريأتي البلاغ القرآني برسالة عزاء للرسول الكريم ولكل من لم تحي كلماتُه المُحبة ُبوارَ بعض القلوب القاسية.  

وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ ۖ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ

فالرسول الكريم و هو من هو و الذي خاطب الناس بتنزيلٍ  إلهي مُعجزٍ من لدن حكيمٍ خبيرلم يستطع إسماع صُم القلوب أوإرشاد عُمي الأذهان أوإيقاظ موتى السرائر! فكيف بنا نحن البشر المهتدون حيناً و الضالون أحياناً! الكلم الطيب و الدفع بالتي هي أحسن والتسامح و التغافل و التجاوز عن الأخطاء- مقصودة كانت أو غير مقصودة- و العفو عن الهفوات  -عفوية كانت أو مدبرة - والعفو عند المقدرة والنسيان و التناسي و الغفران و التغاضي و كظم الغيظ وحتى التضحية بالغالي و الرخيص لحفظ الود و صون العشرة ووصل  المقطوع مصطلحات في أبجدية لا يفهمها الجميع. فالتعامل بما يرضي الله أولاً و النفوس الكبيرة ثانياً شرف لا يليق إلا بأصحاب الشرف. فالبعض لا يفهم بل لا يستطيع أن يفهم لغة الحب و إن خاطبته بها الدهر كله. و من الظلم كل الظلم ان تُكلّفَ النفوسُ ما لا تطيقه. فإكرام أراذل الناس و - إن طال - بقصد استمطار حسن الأخلاق من قاحل وضاعة ما جُبلوا عليه مضيعةٌ للعمر و مفسدةٌ للقلب ومذلةٌ للنفس. البعض باختصارعاجزٌ عن  فهم أبسط أبجديات لغة الحب أومبادلة الحب بالحب. فمن أمضى حياته في الحسد و الحقد و الضغينة و الأذى حتى أضحت طبيعته الأوفى وخُلقه الذي يخالق به الناس بل و مذهبه في الحياة لن ينصت إلى رقيق كلماتك و لن يلتفت إلى حسن نواياك و إن خاطبته بها العمر كله. بعض الناس محرومون من  نعمة حُسن الخلق كما حُرم العمي نعمة الإبصار وكما حُرم المُقعدون  نعمة الحركة وكما حُرم الصُم  نعمة السمع. و هذا الصنف من الناس لا يستحق حتى العتاب إن أساء الأدب و ليس له  إلا الشفقة و الرثاء و من ثم الدعوة له بالشفاء العاجل أو الآجل و شكرُ الله على العافية مما ابتلى به كثيراً من عباده

دوي هزيم أخلاقكَ و إن استحال خطبةً عصماء في سموها و شرفها لن يطرق مسامع الصم البكم. و همتك في فعل الخير و إن بلغت عنان السماء في مثاليتها و تعاليها لن تستثير في العقارب الموهبة في التغريد أوفي الثعابين الرغبة في العناق أو في الحنظل القدرة على نشر شذا العطور

معروفكَ و إن قابله الجاحدون بالنكران جميلٌ عند الشكور. و كلماتك بليغة ٌعند المتعالي و إن لم تشحذ همم من في القبور. وعطاؤك مباركٌ عند علام الغيوب و إن تكالبت على سرقته الغربان الناعقه . و ذكرك  الطيب خالدٌ عند الصمد و إن لاكت سيرتك الألسنة المالقه .و صدقك مبرورٌ عند عالم الغيب و الشهادة و إن بهتتك  النواصي الكاذبه. تكلم الحب وإن قل المنصتون  فالحب لغة لا يفهمها الجميع!  و الله أعلم

Previous
Previous

مهاجرون بلا أنصار

Next
Next

!غنى الجيوب أم إستغناء القلوب