عذاب الآخرة أم العذاب بلا آخرة

 

في الآية الثانية من سورة النمل نقرأ من أجمل ما وصف القرآن به نفسه

(هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ)

و قد اختصر هذا الوصف البليغ المعجز كل ما يمكن أن يُقال عن القرآن. فهو الهدى أولا. و لا بد من الإيمان بالقرآن فعلا لا قولا و لا إيمان كتفعيله في حياة المؤمن كبوصلة ترتقي بالعاملين به إلى بر الهدايه. و ليس ترديد القرآن بلا فهم أو تدبر أو التنافس في عدد الختمات أو التقليب المتثائب للصفحات بلا وعي بتفعيلٍ للقرآن. والقرآن بشرى للمؤمنين ثانياً. و فيه البشرى للمؤمنين و إن جاء بالوعد و الوعيد. بل البشرى كل البشرى في الوعد لا وبل في الوعيد. ليس العذاب عذاب الآخرة و لكن العذاب كل العذاب أن نُترك بلا آخره! و أي بلاء أكبر من أن يستمر الإمتحان إلى ما لا نهايه. و أي عذاب أقسى من إنتظار ما لا يأتي. البعض لا يصدق بعذاب الآخره. و البعض لا يخاف عذاب الآخره. و البعض لا يعبأ بعذاب الآخرة. ولكن البعض لا يخاف إلا العذاب بلا آخره. النملة التي أمضت الصيف تجمع القمح  بصمت معرضةً عن تهكم الصرصار الهامل لم تخش شيئا في حياتها كخشيتها من كابوس واحد ظل ملازما كدح حياتها. ولم تأت النهاية السعيدة دافئة مضمخة بألوان الربيع إلا عندما فتحت نافذتها لتشهد تساقط أولى حبات الثلج معلنة قدوم الصقيع

ليس العذاب عذاب الآخرة إنما هو العذاب بلا آخرة

 

 

  

 

Previous
Previous

!الربا مع الله

Next
Next

ما لا نعرفه عن أيوب عليه السلام