من عدل ربنا (العدل) مساواة المرأة و الرجل في الدنيا و الآخرة

 

خلق الله البشر من ذكر و أنثى و جعل مناط التفضيل التقوى. وأكد القرآن في عدة مواضع على مساواة الرجل و المرأة قولا و فعلا. ففي سورة النساء ( 31 و 32) يقدم المولى  لفتة قرآنية لطيفة و يؤكد على العدل الإلهي في الثواب و العقاب.

إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا (31) وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ ۚ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32)

الخطاب موجه إلى المؤمنين رجالا و نساء كما نقرأ في الآية 29 من نفس السورة ( يا أيها الذين آمنوا). و الوعد الإلهي يبشر المؤمنين رجالا و نساءً بتولي رب العزة تكفير السيئات إن اجتُنبت الكبائر. و يتبع هذا الوعد تأكيد آخر على العدالة الإلهية في الثواب. فالرجال و النساء على حد سواء وإن إختلفت مشاربهم و تباينت مسؤؤلياتهم مشمولون بالوعد. فلا تفاضل بين الرجال و النساء. و لا تساؤل عمن يفوز بالحظ الأوفى من العناية الإلهية في الآخرة.و يأتي القرآن بالتأكيد على ذلك عن طريق الدقة في التعبير في النهي عن التحاسد بين الرجال و النساء (وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ) فكلٌ مفضلٌ و كلٌ مأجورٌ على حسب عمله وإن اختلفت الأدوار. و لو كان في القرآن تفضيلٌ للرجال على النساء لوجب للنهي أن يخصص ذلك بالقول( وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍكن). و كما يؤكد القرآن للرجال (نصيب) مما كسبوا كما أن للنساء (نصيب) مما اكتسبن. و( النصيب) هنا إشارة إلى ثواب العمل الصالح المقبول. و ليس كل عمل مقبولا و إن كان صالحا. و بتعبير أدق وإن بدا صالحا. و لذلك نرى نبي الله سليمان عليه السلام في الآية 19 من سورة النمل يدعو ربه أن يهديه إلى العمل الصالح الذي يرضي الله

فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ

فالله إذن يقبل نصيباً من العمل الصالح و هو ما قُدم بإخلاص نية و ما كان مبتغيا وجه الله تعالى وحده بلا رياء و لا نفاق. و لذلك استخدم القرآن كلمة ( نصيب ) للتأكيد على أن العدالة الإلهية في ثواب صالح الأعمال المتقبل و الذي لا يفرق فيه الله بين ذكر و أنثى. تأكيد لغوي آخر يؤكد على صحة هذا المعنى متضمنٌ في الإستخدام الدقيق لفعل (إكتسب) بدلا من (كسب) في  (ِللرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ). و الإكتساب غير الكسب. ففي الإكتساب مشقة و تكلف أما الكسب فهو ما يأتي طبيعة. و لو كان للرجال تفضيل بسبب الذكورة لاستخدم القرآن  فعل( كسب) و ليس ( اكتسب). فالرجل يولد ذكراً و لا مشقة و لا عناء في اكتساب صفة الذكورة . و لكن القرآن هنا لا يشير إلى تفضيل خلقي بل يشير إلى الاعمال الصالحة التي يقدمها البشر رجالا كانوا أو نساء خلال حياتهم و في ذلك مشقة و مجاهدة للنفس و كما لا يخفى على أحد.و باختصار تؤكد الآية على عدل الله في إثابة البشر رجالا و نساء على المتقبل من صالح أعمالهم و ليس فيها ما يشير إلى تفضيل للرجال على النساء. و الله أعلم.

للمزيد يمكن مراجعة كتابي الأكاديمي المنشور في عام 2019 في أمريكا

https://www.amazon.com/Decoding-Egalitarianism-Quran-Retrieving-Lexington/dp/1793609896

 

 

 

Previous
Previous

 شبهة الحجاب ليس مذكوراً في القرآن أصلا

Next
Next

  التعدد حرب المرأة ضد المرأة