أحياناً المشكلة ليست في الفكرة
أصحاب الأفكار الراقية في ضيق و كبد. يرون ما لا تبصر الأعين ويسمعون ما لا يصل المسامع. يتكلمون عن مستقبلٍ لم يولد بعد من رحم المجهول و يبشّرون بروئ لا تصلها أذهان العامة و لو بشق الأنفس. الِوحدةُ قدرالنُخب الفكرية و مرضها العضال. كم من فكرةٍ أقضّت مضجع صاحبها و لا من مجيب! و كم من مشروعٍ لم ير نور الشمس إلا بعد رحيل صاحبه! حتى الأنبياء تولد دعواتهم يتيمةً في أوطانها و لا يردد الجمع تراتيل أناشيدهم إلا على جبل من تضحيات. نجاح الفكرة و تردد صداها رهنٌ بالمتلقي . و كم من إبداع لم يؤتِ أُكُله في جيله ولم يُحتضن من قبل متلقيه الأوائل. العقول كالأرض. بعضها خصب و بعضها قاحل يتطلب وقتاً للإستثمار و الإستصلاح و بعضها عقيم لا يرجى. لذلك الق فكرتك كبذرة و لا تلتلفت. صلاح البذرة ليس رهناً بردة فعل الأرض التي تستضيفها.
لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ
(البقرة: 272)